اهتم هذا الكتاب بموضوع في غاية الأهمية في أصول الفقه، ألا وهو المثال الأصولي، وإنما يستمد أهميته من كون المثال لحمة أصول الفقه وسداه، فهو الخلية التي تتكون منه القاعدة الأصولية، والشاهد على صحتها، إذ الفروع محنة الأصول، كما قال الجويني، وهو أيضا الوسيلة الناجعة في بيانها وإيضاحها، ونفي الإشكال والالتباس عنها، ومن جانب آخر يعتبر المثالُ الجسرَ الذي تعبر منه القاعدة المجردة الى الواقع العملي.
ولما كان الأمر على هذه الأهمية فقد اهتم الكتاب بقضية المثال على مستويات عديدة، فبين أنواع الأمثلة التي يوظفها الأصولي، كما تعرض لأهداف التمثيل الأصولي ومقاصدها، مبينا أن وظائف المثال غير منحصرة في البيان والتوضيح، بل له علاوة على ذلك وظائف كثيرة، لابد لكل من تعرض للأصول تدريسا أو تأليفا أن استوعبها، وأن ينتقي لكل وظيفة ما يناسبها من الأمثلة، كما تعرض للمناهج الأصولية في توظيف المثال، مبينا أن لكل منهاج مميزاته التي يجب التمسك بها، وتطويرها، كما له سلبياته التي يجب اكتشافها وتجاوزها.
وفي الباب الثاني تعرض الكتاب لإشكالات المثال الأصولي بنفس نقدي مستند إلى نصوص أهل الشأن من أئمة الأصول، محاولا من خلال تطرقه لقضية تجديد المثال الأصولي أن يقترح حلولا عملية لهذه الإشكالات.
وأخيرا.. فإن المثال الأصولي من الموضوعات الأصولية الغضة التي لم يكشف البحث الأكاديمي بعد ما يحيطها من إشكالات، ولا تعرض لها بالنقد والتحليل والتشريح. ولهذا، فمن شأن المعالجات الأولية لهذا الموضوع أن تمشي على استحياء وهي تكتشف، وتحلل، وتنتقد، وتقترح.
